فصل: بَابُ: أُصُولِ الْمَسَائِلِ

/ﻪـ 
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ الْعَصَبَاتِ

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ ‏(‏ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ‏)‏‏.‏

أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى من الْإِخْوَةِ من الْأَبَوَيْنِ أو الْأَبِ‏.‏

وهو صَحِيحٌ في الْجُمْلَةِ أَمَّا حَمْلُهُ على إطْلَاقِهِ فَضَعِيفٌ‏.‏

فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِخْوَةَ يُقَاسِمُونَهُ‏.‏

وَأَمَّا أَنَّهُ أَوْلَى في الْجُمْلَةِ فَصَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ‏.‏

أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا لم يَفْضُلْ من الْمِيرَاثِ إلَّا السُّدُسُ وَرِثَهُ وَأَسْقَطَهُمْ‏.‏

وَكَذَا إذَا لم يَبْقَ من الْمَالِ شَيْءٌ أُعِيلَ بِسَهْمِهِ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ‏.‏

فوائد‏:‏

بَعْدَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مع بنى أَبٍ أَقْرَبَ منه هذا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ نَصَّ عليه‏.‏

فَعَلَى هذا لو نَكَحَ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَابْنُ الْأَبِ عَمٌّ وابن الِابْنِ خَالٌ فَيَرِثُهُ خَالُهُ دُونَ عَمِّهِ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ خَلَّفَ الْأَبُ فيها أَخًا وابن ابْنِهِ وهو أَخُو زَوْجَتِهِ وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَيُقَالُ أَيْضًا وَرِثَتْ زَوْجَةٌ ثُمُنًا وَأَخُوهَا الْبَاقِي فَيُعَايَى بها‏.‏

فَلَوْ كان الْإِخْوَةُ سَبْعَةً وَرِثُوهُ سَوَاءً فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ كان الْأَبُ تَزَوَّجَ الْأُمَّ وَتَزَوَّجَ ابْنُهُ بِنْتَهَا فَابْنُ الْأَبِ منها عَمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَخَالُهُ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ تَزَوَّجَ زَيْدٌ أُمَّ عَمْرٍو وَتَزَوَّجَ عَمْرٌو بِنْتَ زَيْدٍ فَابْنُ زَيْدٍ عَمُّ ابن عمْرٍو وَخَالُهُ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتَ الْآخَرِ فَوَلَدُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بن خَالِ وَلَدِ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ فَوَلَدُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالُ وَلَدِ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَهُمَا الْقَائِلَتَانِ مَرْحَبًا بِابْنَيْنَا وَزَوْجَيْنَا وابنى زَوْجَيْنَا وَوَلَدُ كل وَاحِدٍ عَمُّ الْآخَرِ فَيُعَايَى بها‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ من بَعْدِهِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الرَّدُّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ على الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وإذا انْقَرَضَ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ ثُمَّ عَصَبَاتُهُ من بَعْدِهِ يَعْنِي الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ كَعَصَبَاتِ النَّسَبِ‏.‏

فَيُقَدَّمُ الْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ على الْأَخِ من الْأَبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً‏.‏

وَخَرَّجَ بن الزَّاغُونِيِّ في كِتَابِهِ التَّلْخِيصِ في الْفَرَائِضِ من مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ رِوَايَةً أُخْرَى بِاشْتِرَاكِ الْأَخِ من الْأَبِ مع الْأَخِ من الْأَبَوَيْنِ في الْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَمَتَى كان بَعْضُ بنى الْأَعْمَامِ زَوْجًا أو أَخًا من أُمٍّ أَخَذَ فَرْضَهُ وَشَارَكَ الْبَاقِينَ في تَعْصِيبِهِمْ‏)‏‏.‏

فَلَوْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَتْ الْبِنْتُ النِّصْفَ وَأَبُوهَا النِّصْفَ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ أَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ وَرِثُوهَا أَثْلَاثًا فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَ أخوة لِأَبَوَيْنِ أَحَدُهُمْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ عَمِّهِ فإذا مَاتَتْ وَرِثَ الزَّوْجُ ثُلُثَيْ التَّرِكَةِ وَالْأَخَوَيْنِ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثَ فَيُعَايَى بها

‏.‏

وَلَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَلَهُ خَمْسَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ ثُمَّ وَلَدَتْ منه مِثْلَهُمْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ آخَرَ فَوَلَدَتْ له خَمْسَ بَنِينَ أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا الْأَوَّلُ وَرِثَ منه خَمْسَةُ إخْوَةٍ نِصْفًا وَخَمْسَةٌ ثُلُثًا وَخَمْسَةٌ سُدُسًا فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فإذا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ الْمَالَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَصَبَةِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْإِخْوَةِ من الْأُمِّ الثُّلُثُ وَسَقَطَ سَائِرُهُمْ‏)‏ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّ الْإِخْوَةَ من الْأَبَوَيْنِ يُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ من الْأُمِّ في الثُّلُثِ‏.‏

وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ والحمارية إذَا كان فيها إخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَوْ كان مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ عَالَتْ إلَى عَشْرَةٍ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ ‏(‏وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الْفُرُوخِ‏)‏‏.‏

وَتُسَمَّى أَيْضًا الشُّرَيْحِيَّةَ لِحُدُوثِهَا في زَمَنِ شُرَيْحٍ الْقَاضِي لِأَنَّ الزَّوْجَ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ النِّصْفَ فلما أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ أَعْطَاهُ ثَلَاثَةً من عَشْرَةٍ فَخَرَجَ وهو يقول ما أَعْطَيْت النِّصْفَ وَلَا الثُّلُثَ‏.‏

وكان شُرَيْحٌ يقول إذَا رَأَيْتنِي رَأَيْت حُكْمًا جَائِرًا وإذا رَأَيْتُك ذَكَرْت رَجُلًا فَاجِرًا لِأَنَّك تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ‏.‏

بَابُ‏:‏ أُصُولِ الْمَسَائِلِ

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏فإذا اجْتَمَعَ مع النِّصْفِ سُدُسٌ أو ثُلُثٌ أو ثُلُثَانِ فَهِيَ من سِتَّةٍ‏)‏‏.‏

فَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ من أُمٍّ من سِتَّةٍ‏.‏

وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ لِأَنَّ ابن عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما لَا يُعِيلُ الْمَسَائِلَ وَلَا يَحْجُبُ الْأُمَّ من الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فإنه أَعْطَى الْأُمَّ الثُّلُثَ هُنَا وَالْبَاقِيَ وهو السُّدُسُ لِلْأَخَوَيْنِ من الْأُمِّ‏.‏

فَهُوَ إنَّمَا يُدْخِلُ النَّقْصَ على من يَصِيرُ عَصَبَةً في حَالٍ وَإِنْ أَعْطَى الْأُمَّ السُّدُسَ فَهُوَ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا بِثَلَاثَةٍ وهو لَا يَرَى الْعَوْلَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ‏)‏‏.‏

فَتُسَمَّى الْمَسْأَلَةُ إذَا عَالَتْ إلَى تِسْعَةٍ الْغَرَّاءَ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمُبَاهَلَةِ فَاشْتُهِرَ الْعَوْلُ فيها‏.‏

وَمَسْأَلَةُ الْمُبَاهَلَةِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ فَشَاوَرَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه الصَّحَابَةَ فَأَشَارَ عليه الْعَبَّاسُ رضي اللَّهُ عنه بِالْعَوْلِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ على الْقَوْلِ بِهِ إلَّا ابن عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما وَلَكِنَّهُ لم يَظْهَرْ ذلك في حَيَاةِ عُمَرَ فلما مَاتَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه دَعَا ابن عبَّاسٍ إلَى الْمُبَاهَلَةِ وقال من شَاءَ بَاهَلْته أن الذي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا لم يَجْعَلْ في الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا فإذا ذَهَبَ النِّصْفَانِ بِالْمَالِ فَأَيْنَ الثُّلُثُ‏.‏

ثُمَّ قال وَأَيْمُ اللَّهِ لو قَدَّمُوا من قَدَّمَ اللَّهُ وَأَخَّرُوا من أَخَّرَ اللَّهُ ما عَالَتْ فَرِيضَةٌ قَطُّ فَقِيلَ له لِمَ لَا أَظْهَرْت هذا في زَمَنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه فقال كان مَهِيبًا فَهِبْته انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْإِلْزَامِ وَلَا جَوَابَ له عنها‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا اجْتَمَعَ مع الرُّبُعِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ من اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ على الْأَفْرَادِ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ‏)‏‏.‏

كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ فَهَذِهِ تُسَمَّى أُمَّ الْأَرَامِلِ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ كُلَّهُمْ نِسَاءٌ‏.‏

فَإِنْ كانت التَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَلِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا اجْتَمَعَ مع الثَّمَنِ سُدُسٌ أو ثُلُثَانِ فَأَصْلُهَا من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا تَعُولُ إلَى أَكْثَرَ منها‏)‏‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وفي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ أنها تَعُولُ إلَى إحْدَى وَثَلَاثِينَ‏.‏

وَلَعَلَّهُ عَنَى الرِّوَايَةَ عن بن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه فإنه مَذْهَبُهُ كما قَالَهُ في الرَّوْضَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا لم تَسْتَوْعِبْ الْفُرُوضُ الْمَالَ ولم تَكُنْ عَصَبَةٌ رَدَّ الْفَاضِلَ على ذَوِي الْفُرُوضِ بِقَدْرِ فُرُوضِهِمْ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ‏)‏‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الرَّدُّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ على الْوَلَاءِ‏.‏

وَتَقَدَّمَتْ هذه الرِّوَايَةُ في بَابِ الْعَصَبَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وإذا انْقَرَضَتْ الْعَصَبَةُ من النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقَ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَدَّمُ ذَوُو الْأَرْحَامِ على الرَّدِّ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَرِثُ بِالرَّدِّ بِحَالٍ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُرَدُّ على وَلَدِ أُمٍّ مع الْأُمِّ وَلَا على جَدَّةٍ مع ذِي سَهْمٍ‏.‏

نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ إلَّا قَوْلَهُ إلَّا مع ذِي سَهْمٍ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا لم نَقُلْ بِالرَّدِّ كان الْفَاضِلُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ مَالُ من مَاتَ وَلَا وَارِثَ له‏.‏

لَكِنْ هل بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ ليس بِوَارِثٍ وَإِنَّمَا يُحْفَظُ فيه الْمَالُ الضَّائِعُ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسْعِينَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ في الْعَاقِلَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ليس بِعَصَبَةٍ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَالَه ابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ في أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ غَيْرُ وَارِثٍ لِتَقَدُّمِ ذَوِي الْأَرْحَامِ عليه وَانْتِفَاءِ صَرْفِ الْفَاضِلِ عن ذَوِي الْفُرُوضِ إلَيْهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ ليس بِعَصَبَةٍ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ إرْثًا‏.‏

ثُمَّ قال فَإِنْ أُرِيدَ أن اشْتِبَاهُ الْوَارِثِ بِغَيْرِهِ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْإِرْثِ لِلْكُلِّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ إرْثٌ في الْبَاطِنِ لِمُعَيَّنٍ فَيُحْفَظُ مِيرَاثُهُ في بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ يُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ لِلْجَهْلِ بِمُسْتَحَقِّهِ عَيْنًا فَهُوَ وَالْأَوَّلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ‏.‏

قال وَيَنْبَنِي على ذلك مَسْأَلَةُ اقْتِصَاصِ الْإِمَامِ مِمَّنْ قَتَلَ من لَا وَارِثَ له‏.‏

وفي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ منهم من بَنَاهَا على أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ هل هو وَارِثٌ أَمْ لَا‏.‏

وَمِنْهُمْ من قال لَا يَنْبَنِي على ذلك ثُمَّ لهم طَرِيقَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ وَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ وَارِثٌ لِأَنَّ في الْمُسْلِمِينَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْغَائِبَ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبى الْخَطَّابِ‏.‏

وَالثَّانِي يَجُوزُ الِاقْتِصَاصُ وَإِنْ قُلْنَا ليس بِوَارِثٍ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامِ وَنَظَرَهُ في الْمَصَالِحِ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَارِثِ وهو مَأْخَذُ بن الزَّاغُونِيِّ انْتَهَى‏.‏

قُلْت قد تَقَدَّمَ من فَوَائِدِ الْخِلَافِ في وَصِيَّةِ من لَا وَارِثَ له إنْ قِيلَ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِ‏.‏

وَإِنْ قِيلَ هو وَارِثٌ لم تَجُزْ إلَّا بِالثُّلُثِ قَالَهُ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا‏.‏

وَتَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْفَيْءِ هل بَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا‏.‏

بَابُ‏:‏ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ تَبَايَنَتْ ضَرَبْت بَعْضَهَا في بَعْضٍ فما بَلَغَ ضَرَبْته في الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا‏)‏‏.‏

كَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ تُسَمَّى الصَّمَّاءَ‏.‏

وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَخَمْسِ جَدَّاتٍ وَسَبْعِ بَنَاتٍ وَتِسْعِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الِامْتِحَانِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ من ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ‏.‏

وَذَلِكَ أَنَّك إذَا ضَرَبْت الْأَعْدَادَ بَعْضَهَا في بَعْضٍ بَلَغَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ مَضْرُوبَةً في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وهو أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَبْلُغُ ما قُلْنَا‏.‏

فَيُقَالُ أَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ وَلَيْسَ منهم من يَبْلُغُ عَدَدُهُ عَشْرَةً بَلَغَتْ مَسْأَلَتُهُمْ إلَى ذلك فَيُعَايَى بها‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كانت مُوَافِقَةً كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ‏)‏ هذا يُسَمَّى الْمَوْقُوفَ الْمُطْلَقَ‏.‏

ذلك أَنْ تَقِفَ أَيَّ الْأَعْدَادِ شِئْت وَيَصِحُّ جُزْءُ السَّهْمِ من سِتِّينَ‏.‏

وبقى نَوْعٌ آخَرُ وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ الْمُقَيَّدَ‏.‏

مِثَالُهُ لو انْكَسَرَ على اثنى عَشَرَ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ فَهُنَا تَقِفُ الاثنى ‏[‏الاثنا‏]‏ عَشَرَ لَا غَيْرُ لِأَنَّهَا تُوَافِقُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بِالْأَسْدَاسِ وَالْعِشْرِينَ بِالْأَرْبَاعِ بِخِلَافِ ما إذَا وَقَفْت الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهَا لَا تُوَافِقُ الْعِشْرِينَ إلَّا بِالْإِنْصَافِ وَإِنْ وَافَقَتْ الْعِشْرِينَ لم تُوَافِقْهَا الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ إلَّا بِالْأَنْصَافِ فَيَرْتَفِعُ الْعَمَلُ في الْمَسْأَلَةِ وهو غَيْرُ مرضى عِنْدَهُمْ‏.‏

فَالْأَوْلَى أَنْ تَقِفَ الإثنى ‏[‏الاثنا‏]‏ عَشَرَ وَقِسْ عليها ما شَابَهَهَا‏.‏

بَابُ‏:‏ الْمُنَاسَخَاتِ

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَمَعْنَاهَا أَنْ يَمُوتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ قبل قَسْمِ تَرِكَتِهِ‏)‏‏.‏

وهو صَحِيحٌ فَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ أَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَ من في الْمَسْأَلَةِ فَلَا بُدَّ هُنَا من السُّؤَالِ عن الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ‏.‏

فَإِنْ كان رَجُلًا فَالْأَبُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَدٌّ في الثَّانِيَةِ أبو أَبٍ فَيَرِثُهُ في الثَّانِيَةِ‏.‏

وَإِنْ كان الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ أُنْثَى فَالْأَبُ في الْأُولَى جَدٌّ في الثَّانِيَةِ أبو أُمٍّ فَلَا يَرِثُ‏.‏

فَتَصِحُّ في الْأُولَى من أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ‏.‏

وفي الثَّانِيَةِ من اثنى عَشَرَ‏.‏

وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عنها يحيى بن أَكْثَمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ فقال له الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَعُلِمَ أَنَّهُ قد عَرَفَهَا‏.‏

فقال له كَمْ سِنُّك فَفَطِنَ يحيى لِذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّهُ اسْتَصْغَرَهُ فقال سِنُّ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي اللَّهُ عنه لَمَّا وَلَّاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْيَمَنَ وَسِنُّ عَتَّابِ بن أُسَيْدَ رضي اللَّهُ عنه لَمَّا ولى مَكَّةَ فَاسْتَحْسَنَ جَوَابَهُ وَوَلَّاهُ الْقَضَاءَ‏.‏

بَابُ‏:‏ قَسْمِ التَّرِكَاتِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال قَائِلٌ إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ ولى تَرِكَةٌ أَخَذَ الْأَكْبَرُ دِينَارًا وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الثَّانِي دِينَارَيْنِ وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثَلَاثَ دَنَانِيرَ وَخُمِّسَ ما بقى وَأَخَذَ الرَّابِعُ جَمِيعَ ما بَقِيَ وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهم أَخَذَ حَقَّهُ من غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَمْ كانت التَّرِكَةُ‏.‏

فَالْجَوَابُ أنها كانت سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا‏.‏

وفي الْفُرُوعِ هُنَا سَهْوٌ فإنه جَعَلَ لِلرَّابِعِ أَرْبَعَةً وَخُمِّسَ ما بقى وَالْحَالُ أَنَّهُ لم يَبْقَ شَيْءٌ بَعْدَ أَخْذِ الْأَرْبَعَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال إنْسَانٌ لِمَرِيضٍ أَوْصِ فقال إنَّمَا يرثنى امْرَأَتَاك وَجَدَّتَاك وَأُخْتَاك وَعَمَّتَاك وَخَالَتَاك‏.‏

فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزَوَّجَ بِجَدَّتَيْ الْآخَرِ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أبيه فَأَوْلَدَ الْمَرِيضُ كُلًّا مِنْهُمَا بِنْتَيْنِ فَهُمَا من أُمِّ الْأَبِ الصَّحِيحِ عَمَّتَا الصَّحِيحِ وَمِنْ أُمِّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ وقد كان أبو الْمَرِيضِ تَزَوَّجَ أُمَّ الصَّحِيحِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ‏.‏

وَتَصِحُّ من ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَيُعَايَى بها‏.‏

بَابُ‏:‏ ذَوِي الْأَرْحَامِ

تنبيه‏:‏

تَقَدَّمَ في آخِرِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ رِوَايَةٌ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرِثُونَ أَلْبَتَّةَ وَلَا عَمَلَ عليه‏.‏

وَقَوْلُهُ هُنَا في عَدَدِهِمْ ‏(‏وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بين أُمَّيْنِ أو بِأَبٍ أَعْلَى من الْجَدِّ‏)‏‏.‏

أَمَّا الْأُولَى فَهِيَ من ذَوِي الْأَرْحَامِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَأَمَّا الْجَدَّةُ الثَّانِيَةُ أعنى الْمُدْلِيَةَ بِأَبٍ أَعْلَى من الْجَدِّ فَهِيَ أَيْضًا من ذَوِي الْأَرْحَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وَقِيلَ هِيَ من ذَوِي الْفُرُوضِ‏.‏

اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ في فَصْلِ الْجَدَّاتِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏وَيَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ‏)‏‏.‏

كما نَقَلَ الْمُصَنِّفُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ‏.‏

وَعَنْهُ يَرِثُونَ على حَسَبِ تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْعَمَّاتُ وَالْعَمُّ من الْأُمِّ كَالْأَبِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

منهم الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ كَالْعَمِّ يَعْنِي من الْأَبَوَيْنِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وَقِيلَ كُلُّ عَمَّةٍ كَأَخِيهَا‏.‏

وَعَنْهُ الْعَمَّةُ لِأَبَوَيْنِ أو لِأَبٍ كَالْجَدِّ‏.‏

فَعَلَيْهَا الْعَمَّةُ لِأُمٍّ وَالْعَمُّ لِأُمٍّ كَالْجَدَّةِ أُمُّهُمَا‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ الْعَمَّةُ كَالْأَبِ وَقِيلَ كَبِنْتٍ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ هذا خَطَأٌ وَأَيُّ جَامِعٍ بين الْعَمَّةِ وَالْبِنْتِ‏.‏

فائدة‏:‏

هل عَمَّةُ الْأَبِ على هذا الْخِلَافِ‏.‏

وَهَلْ عَمُّ الْأَبِ من الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ لِأُمٍّ كَالْجَدِّ أو كَعَمِّ الْأَبِ من الْأَبَوَيْنِ أو كَأُمِّ الْجَدِّ مبنى على هذا الْخِلَافِ أَيْضًا‏.‏

وَلَيْسَا كَأَبِ الْجَدِّ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فإذا أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِوَاحِدٍ وَاسْتَوَتْ مَنَازِلُهُمْ منه فَنَصِيبُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فيه سَوَاءٌ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ عليه جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلَّا وَلَدُ الْأُمِّ‏.‏

وقال الخرقى يسوي بَيْنَهُمْ إلَّا الْخَالُ وَالْخَالَةُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ‏.‏

وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ اسْتِحْسَانًا‏.‏

وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشِّيرَازِيُّ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في المغنى لَا أَعْلَمُ له وَجْهًا‏.‏

قال الْقَاضِي لم أَجِدْ هذا بِعَيْنِهِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كان بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ من بَعْضٍ فَمَنْ سَبَقَ إلَى الْوَارِثِ وَرِثَ وَأَسْقَطَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا من جِهَتَيْنِ فَيُنَزَّلُ الْبَعِيدُ حتى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ أَمْ لَا كَبِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ‏)‏‏.‏

فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْمَالَ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ‏.‏

وَذُكِرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ أَنَّ الْإِرْثَ لِلْجِهَةِ الْقُرْبَى مُطْلَقًا‏.‏

وفي الرَّوْضَةِ في بن بِنْتٍ وابن أَخٍ لِأُمٍّ له السُّدُسُ وَلِابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا على أَرْبَعَةٍ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْجِهَاتُ أَرْبَعٌ الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ وَالْأُخُوَّةُ‏)‏‏.‏

هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أو لَا‏.‏

وَيَلْزَمُهُ عليه إسْقَاطُ بِنْتِ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأَخَوَاتِ وَبَنُوهُنَّ بِبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ‏.‏

قال الشَّارِحُ وهو بَعِيدٌ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وإذا كان بن ابْنِ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَبِنْتُ بن ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهُ السُّدُسُ وَلَهَا الْبَاقِي‏.‏

وَيَلْزَمُ من جَعْلِ الْأُخُوَّةِ جِهَةً أَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ لِلْبِنْتِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا حَيْثُ يَجْعَلُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَهْلَ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَدَّهُ شَارِحُهُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو فَاسِدٌ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ وَقِيلَ خَطَأٌ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ الْعُمُومَةَ جِهَةً خَامِسَةً‏.‏

وهو مُفْضٍ إلَى إسْقَاطِ بِنْتِ الْعَمِّ من الْأَبَوَيْنِ بِبِنْتِ الْعَمِّ من الْأُمِّ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَا نَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا‏.‏

وَذَكَرَ في المغنى أَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بن سَالِمٍ‏.‏

قال في الْفَائِقِ ولم يُعَدَّ قَبْلَهُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا أَشْهَرُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجِهَاتِ ثَلَاثٌ وَهُمْ الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَخِيرًا وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَيَلْزَمُ عليه إسْقَاطُ بِنْتِ عَمَّةٍ بِبِنْتِ أَخٍ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو أَفْسَدُ من الْقَوْلِ الْأَوَّلِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ النِّزَاعُ لفظى‏.‏

وَلَا فَرْقَ بين جَعْلِ الْأُخُوَّةِ والعمومة جِهَةً وَبَيْنَ إدْخَالِهَا في جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ وَيَجْعَلُ الْجِهَاتِ ثَلَاثًا وَالِاعْتِرَاضُ في الصُّورَتَيْنِ لَا حَقِيقَةَ له‏.‏

لِأَنَّا إذَا قُلْنَا إذَا كَانَا من جِهَةٍ قَدَّمْنَا الْأَقْرَبَ إلَى الْوَارِثِ فإذا كَانَا من جِهَتَيْنِ لم يُقَدَّمْ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَارِثِ‏.‏

فَاسْمُ الْجِهَةِ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي بِهِ ما يَشْتَرِكَانِ فيه من الْقَرَابَةِ‏.‏

وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ يَشْتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ يَشْتَرِكْنَ في بُنُوَّةِ الْأُخُوَّةِ ولم يُرِدْ أبو الْخَطَّابِ بِالْجِهَةِ الْوَارِثَ الذي يُدْلَى بِهِ‏.‏

وَلِهَذَا فَرَّقَ بين الْوَارِثِ الذي يُدْلَى بِهِ وَبَيْنَ الْجِهَةِ فقال إلَّا أَنْ يَسْبِقَهُ إلَى وَارِثٍ آخَرَ غَيْرِهِ وَتَجْمَعُهُمَا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وإذا نَزَّلْنَا بِنْتَ الْعَمَّةِ وَالْعَمِّ مَنْزِلَةَ الْأَبِ لم يَمْنَعْ ذلك أَنْ يَكُونَ جِهَةً من جِهَاتِ الْعُمُومَةِ لِلْمُشَارَكَةِ في الِاسْمِ انْتَهَى كَلَامُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

الْبُنُوَّةُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ كُلُّ وَلَدِ الصُّلْبِ جِهَةٌ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَهِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدِي‏.‏

وَعَنْهُ كُلُّ وَارِثٍ يُدْلَى بِهِ جِهَةٌ‏.‏

فَعَمَّةٌ وابن خَالٍ له الثُّلُثُ وَلَهَا الْبَقِيَّةُ‏.‏

وَلَوْ كان مَعَهُمَا خَالَةُ أُمٍّ كان الْحُكْمُ كَذَلِكَ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ بن الْخَالِ يَسْقُطُ بها وَلَهَا السُّدُسُ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمَّةِ وَخَالَةِ أُمٍّ وَخَالَةِ أَبٍ الْمَالُ لَهُمَا كَجَدَّتَيْنِ وَتُسْقِطُهُمَا أُمُّ أبى الْأُمِّ على هذه الرِّوَايَةِ وَالْمَذْهَبُ تَسْقُطُ هِيَ‏.‏

وَلَوْ كانت بِنْتَ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَ بِنْتِ بن فَالْمِيرَاثُ على أَرْبَعَةٍ بَيْنَهُمَا إنْ قِيلَ كُلُّ وَلَدِ صُلْبٍ جِهَةٌ‏.‏

وَإِنْ قِيلَ كلهم جِهَةٌ اخْتَصَّتْ بِهِ الثَّانِيَةُ لِلسَّبْقِ‏.‏

وَلَوْ كان مَعَهَا بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى فَالْمِيرَاثُ لولدى بنتى الصُّلْبِ على الْأَوَّلِ ولولدى الِابْنِ على الثَّانِي قَالَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَمَنْ مَتَّ بِقَرَابَتَيْنِ‏)‏ أَيْ أَدْلَى ‏(‏وَرِثَ بِهِمَا‏)‏‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَشَخْصَيْنِ‏.‏

وحكى عنه أَنَّهُ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اتَّفَقَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَعْطَيْته فَرْضَهُ غير مَحْجُوبٍ وَلَا مُعَاوِلٍ وَقَسَمْت الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ كما لو انْفَرَدُوا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْسَمَ الْفَاضِلُ عن الزَّوْجِ بَيْنَهُمْ كما يُقْسَمُ بين من أَدْلَوْا بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ‏.‏

وَالْأَمْثِلَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذا الْخِلَافِ‏.‏

وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ منه‏.‏

بَابُ‏:‏ مِيرَاثِ الْحَمْلِ

فائدة‏:‏

الْحَمْلُ يَرِثُ في الْجُمْلَةِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

لَكِنْ هل يَثْبُتُ له الْمِلْكُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَيَتَبَيَّنُ ذلك بِخُرُوجِهِ حَيًّا أَمْ لَا يَثْبُتُ له الْمِلْكُ حتى يَنْفَصِلَ حَيًّا فيه خِلَافٌ بين الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهَذَا الْخِلَافُ مُطَّرِدٌ في سَائِرِ أَحْكَامِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ هل هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ حَيًّا فَلَا تَثْبُتُ قَبْلَهُ أو هِيَ ثَابِتَةٌ له في حَالِ كَوْنِهِ حَمْلًا لَكِنْ ثُبُوتُهَا مُرَاعًى بِانْفِصَالِهِ حَيًّا فإذا انْفَصَلَ حَيًّا تَبَيَّنَّا ثُبُوتَهَا من حِينِ وُجُودِ أَسْبَابِهَا‏.‏

وَهَذَا هو تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِ من قال هل الْحَمْلُ له حُكْمٌ أَمْ لَا‏.‏

قال وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْإِنْفَاقِ على أُمِّهِ من نَصِيبِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ له الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ من حِينِ مَوْتِ أبيه وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابن عقِيلٍ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَنَقَلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على خِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ له الْمِلْكُ إلَّا بِالْوَضْعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ في فِطْرَةِ الْجَنِينِ لم تَثْبُتْ له أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا في الْإِرْثِ في الْوَصِيَّةِ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَقَفْت له نَصِيبَ ذَكَرَيْنِ إنْ كان نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ وَإِلَّا وَقَفْت نَصِيبَ اثْنَيْنِ‏)‏‏.‏

وَكَذَا لو كان إرْثُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَكْثَرَ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

فَمِثَالُ كَوْنِ الذَّكَرَيْنِ نَصِيبُهُمَا أَكْثَرَ لو خَلَّفَ زَوْجَةً حَامِلًا‏.‏

وَمِثَالُهُ في الْأُنْثَيَيْنِ كَزَوْجَةٍ حَامِلٍ مع أَبَوَيْنِ‏.‏

وَمِثَالُهُ في الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لو خَلَّفَ زَوْجَةً أو خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأَمَّا حَامِلًا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا وَرِثَ وَوُرِثَ‏)‏ مُخَفَّفًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ‏.‏

قال في الرَّوْضَةِ هذا الصَّحِيحُ عِنْدِي‏.‏

وَجَزَمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَرِثُ أَيْضًا بِصَوْتِ غَيْرِ الصُّرَاخِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وفي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ وَالتَّنَفُّسُ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في الْعُطَاسِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ في الْعُطَاسِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ في التنفس ‏[‏التنفيس‏]‏‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَشَرَطَ الْقَاضِي طُولَ زَمَنِ التَّنَفُّسِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أو تَحَرَّكَ أو عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ‏.‏

وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في هذا الْبَابِ فَإِنْ تَحَرَّكَ أو تَنَفَّسَ لم يَكُنْ كَالِاسْتِهْلَالِ‏.‏

وَنَقَل ابن الْحَكَمِ إذَا تَحَرَّكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ حتى يَسْتَهِلَّ‏.‏

وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّنَفُّسِ كَالِاسْتِهْلَالِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِهْلَالُ فَقَطْ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالِارْتِضَاعُ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ في مَعْنَى الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا فَيَرِثُ وَيُورَثُ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَرِثُ بِذَلِكَ وَلَا يُورَثُ‏.‏

وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا في الْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وما يَدُلُّ على الْحَيَاةِ‏)‏‏.‏

كَالْحَرَكَةِ الطَّوِيلَةِ وَالْبُكَاءِ وغيرهما ‏[‏وغيرها‏]‏ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَأَمَّا الْحَرَكَةُ وَالِاخْتِلَاجُ فَلَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ‏)‏‏.‏

مُجَرَّدُ الِاخْتِلَاجِ لَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ‏.‏

وَأَمَّا الْحَرَكَةُ فَإِنْ كانت يَسِيرَةً فَلَا تَدُلُّ بِمُجَرَّدِهَا على الْحَيَاةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَلَوْ عُلِمَ مَعَهُمَا حَيَاةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فإن الْحَيَوَانَ يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ حَرَكَةً شَدِيدَةً وهو كَمَيِّتٍ‏.‏

وَكَذَا التَّنَفُّسُ الْيَسِيرُ لَا يَدُلُّ على الْحَيَاةِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَإِنْ كانت الْحَرَكَةُ طَوِيلَةً فَالْمَذْهَبُ أنها تَدُلُّ على الْحَيَاةِ وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ بِذَلِكَ‏.‏

وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي في الْفَائِقِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ ذلك كُلَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا لم يَرِثْ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَعَنْهُ يَرِثُ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ وَرِثَ في الْأَصَحِّ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَاسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ عليه الْقُرْعَةُ فَهُوَ الْمُسْتَهِلُّ‏)‏‏.‏

مُرَادُهُ إذَا كان إرْثُهُمَا مُخْتَلِفًا فَلَوْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أو أُنْثَيَيْنِ أو ذَكَرًا وَأُنْثَى أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ لم يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا وَيُقْرَعُ فِيمَا سِوَى ذلك وهو وَاضِحٌ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو مَاتَ كَافِرٌ عن حَمْلٍ منه لم يَرِثْهُ الْحَمْلُ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ قبل وَضْعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَنَصَرَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَرِثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وفي الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيَرِثُهُ‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا مَاتَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ولم يَرِثْهُ وَحَمَلَهُ على وِلَادَتِهِ بَعْدَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا مَاتَ كَافِرٌ عن حَمْلٍ من كَافِرٍ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قبل وَضْعِهِ مِثْلُ أَنْ يُخَلِّفَ أُمَّهُ حَامِلًا من غَيْرِ أبيه فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرِثَ حَيْثُ ثَبَتَ النَّسَبُ‏.‏

تنبيه‏:‏

روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك نُصُوصٌ نَذْكُرُهَا وَنَذْكُرُ ما فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِهِ فَنَقُولُ‏.‏

رَوَى جَعْفَرٌ عنه في نصرانى مَاتَ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ وَكَانَتْ حُبْلَى فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ هل يَرِثُ‏.‏

قال لَا وقال إنَّمَا مَاتَ أَبُوهُ وهو لَا يَعْلَمُ ما هو وَإِنَّمَا يَرِثُ بِالْوِلَادَةِ وَحُكِمَ له بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ‏.‏

وقال محمد بن يحيى الْكَحَّالُ قُلْت لأبى عبد اللَّهِ مَاتَ نصرانى وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ قال ما في بَطْنِهَا مُسْلِمٌ‏.‏

قُلْت أَيَرِثُ أَبَاهُ إذَا كان كَافِرًا وهو مُسْلِمٌ قال لَا يَرِثُهُ‏.‏

فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ من إرْثِهِ لِأَبِيهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ إرْثَهُ يَتَأَخَّرُ إلَى ما بَعْدَ الْوِلَادَةِ وإذا تَأَخَّرَ تَوْرِيثُهُ إلَى ما بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَقَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ زَمَنَ الْوِلَادَةِ إمَّا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ كما دَلَّ عليه كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا أو بِمَوْتِ أبيه على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ لَا يَتَوَقَّفُ على الْعِلْمِ بِهِ بِخِلَافِ التَّوْرِيثِ‏.‏

وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّوْرِيثَ يَتَأَخَّرُ عن مَوْتِ الْمَوْرُوثِ إذَا انْعَقَدَ سَبَبُهُ في حَيَاةِ الْمَوْرُوثِ وَأُصُولِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَشْهَدُ لِذَلِكَ ذَكَرَه ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ‏.‏

وقال وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ فَاضْطَرَبُوا في تَخْرِيجِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِلْقَاضِي في تَخْرِيجِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

الْأَوَّلُ أَنَّ إسْلَامَهُ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ أَوْجَبَ مَنْعَهُ من التَّوْرِيثِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْفَسَادِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ هذه الصُّورَةَ من جُمْلَةِ صُوَرِ تَوْرِيثِ الطِّفْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أبيه وَنَصُّهُ هذا يَدُلُّ على عَدَمِ التَّوْرِيثِ فَتَكُونُ رِوَايَةً ثَانِيَةً في الْمَسْأَلَةِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيلِ بِغَيْرِ ذلك وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ الطِّفْلِ من أبيه الْكَافِرِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِهِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فيه حتى نَقَل ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عليه فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ما يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ هذا الطِّفْلِ حَصَلَ بِشَيْئَيْنِ بِمَوْتِ أبيه وَإِسْلَامِ أُمِّهِ‏.‏

وَهَذَا الثَّانِي مَانِعٌ قوى لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عليه فَلِذَلِكَ مَنَعَ الْمِيرَاثَ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ إذَا مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فإنه يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَمْنَعُ إرْثَهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ فيه ضَعِيفٌ للإختلاف فيه‏.‏

وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ أَيْضًا وَمُخَالِفَةٌ لِتَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

فإنه إنَّمَا عُلِّلَ بِسَبْقِ الْمَانِعِ لِتَوْرِيثِهِ لَا بِقُوَّةِ الْمَانِعِ وَضَعْفِهِ‏.‏

وَإِنَّمَا وَرَّثَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لِمُقَارَنَةِ الْمَانِعِ لَا لِضَعْفِهِ انْتَهَى ما ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو زَوَّجَ أَمَتَهُ بِحُرٍّ فَأَحْبَلَهَا فقال السَّيِّدُ إنْ كان حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ وهو رَقِيقَانِ وَإِلَّا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَهِيَ الْقَائِلَةُ إنْ أَلِدْ ذَكَرًا لم أَرِثْ ولم يَرِثْ وَإِلَّا وَرِثْنَا فَيُعَايَى بها‏.‏

وَتَقَدَّمَ مَسَائِلُ في الْمُعَايَاةِ فِيمَا إذَا كانت حَامِلًا‏.‏

الثَّانِيَةُ لو خَلَّفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً فقال في المغنى يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَهَا حتى تُسْتَبْرَأَ‏.‏

وَذَكَرَ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ يَحْرُمُ الْوَطْءُ حتى يَعْلَمَ أَحَامِلٌ هِيَ أَمْ لَا وهو الصَّوَابُ‏.‏

بَابُ‏:‏ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا انْتَظَرَتْهُ تَمَامَ تِسْعِينَ سَنَةً من يَوْمِ وُلِدَ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه صَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ أَبَدًا‏.‏

فَعَلَيْهَا يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فيه كَغَيْبَةِ بن تِسْعِينَ ذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي في بَابِ الْعِدَدِ وَإِنْ كان ظَاهِرُهَا السَّلَامَةَ ولم يَثْبُتْ مَوْتُهُ بَقِيَتْ زَوْجَتُهُ ما رَأَى الْحَاكِمُ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ والنظم ‏[‏والنظر‏]‏‏.‏

وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ أَبَدًا حتى تَتَيَقَّنَ مَوْتَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَيَاتُهُ‏.‏

قَدَّمَهُ في بَابِ الْعِدَدِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَقَالَا هذا الْمَذْهَبُ وَنَصَرَاهُ‏.‏

وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ زَمَنًا لَا يَعِيشُ مثله غَالِبًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ تَنْتَظِرُ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً من يَوْمِ وُلِدَ‏.‏

وقال ابن رَزِينٍ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يُنْتَظَرَ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ لِقَضَاءِ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه بِذَلِكَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنَّمَا قَضَاؤُهُ فِيمَنْ هو في مُهْلِكَةٍ‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ فُقِدَ وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً فَهَلْ تَنْتَظِرُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أو يُرْجَعُ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ أو يُرْتَقَبُ أَرْبَعَ سِنِينَ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا‏.‏

أَفْتَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بِالْأَوَّلِ يَعْنِي بِهِ الشَّارِحَ وَالْمُخْتَارُ الْأَخِيرُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت قد تَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ قال يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ على ذلك في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كان ظَاهِرُهَا الْهَلَاكَ‏)‏ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ ‏(‏اُنْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ يُقْسَمُ مَالُهُ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه‏.‏

وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ فقال اُنْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ تَلِفَ‏.‏

وَتَابَعَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في ذلك‏.‏

وَالْأَوْلَى مُنْذُ فُقِدَ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَزِيَادَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ‏.‏

قال الْقَاضِي لَا يُقْسَمُ مَالُهُ حتى تَمْضِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ‏.‏

وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ في أَمْرِهِ‏.‏

وقال كُنْت أَقُولُ ذلك وقد هِبْت الْجَوَابَ فيها لِاخْتِلَافِ الناس وَكَأَنِّي أُحِبُّ السَّلَامَةَ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ قال أَصْحَابُنَا وَهَذَا تَوَقُّفٌ يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ عَمَّا قَالَهُ أَوَّلًا وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ على الزَّوْجِيَّةِ حتى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أو يَمْضِيَ زَمَانٌ لَا يَعِيشُ فيه مثله‏.‏

وَيَحْتَمِلُ التَّوَرُّعَ وَيَكُونُ ما قَالَهُ أَوَّلًا بِحَالِهِ في الْحُكْمِ‏.‏

وَعَنْهُ حُكْمُهُ في الِانْتِظَارِ حُكْمُ التي ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ‏.‏

وقال في الْوَاضِحِ يُنْتَظَرُ زَمَنًا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ قال وَحْدَهَا في بَعْضِ رِوَايَاتِهِ بِتِسْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ بِسَبْعِينَ‏.‏

فائدة‏:‏

نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ في عَبْدٍ مَفْقُودٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحُرِّ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا وأبو طَالِبٍ في الْأَمَةِ أنها على النِّصْفِ من الْحُرَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ مَاتَ مَوْرُوثُهُ في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ دُفِعَ إلَى كل وَارِثٍ الْيَقِينُ وَوَقَفَ الْبَاقِي‏)‏‏.‏

وَطَرِيقُ الْعَمَلِ في ذلك أَنْ تَعْمَلَ الْمَسْأَلَةُ على أَنَّهُ حَيٌّ ثُمَّ على أَنَّهُ مَيِّتٌ ثُمَّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا أو وَفْقَهَا في الْأُخْرَى وَاجْتُزِئَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أو بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا وَتُدْفَعُ إلَى كل وَارِثٍ الْيَقِينُ وَمَنْ سَقَطَ في إحْدَاهُمَا لم يَأْخُذْ شيئا وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَقِيلَ تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ على تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ فَقَطْ وَلَا تَقِفُ شيئا سِوَى نَصِيبِهِ إنْ كان يَرِثُ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي‏.‏

وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يُؤْخَذُ ضَمِينٌ مِمَّنْ معه احْتِمَالُ زِيَادَةٍ على الصَّحِيحِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ منه ضَمِينٌ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَ نَصِيبَهُ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ لم يَأْتِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ‏)‏‏.‏

هذا الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ هو قَوْلُ غَيْرِ صَاحِبِ المغنى فيه‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الذي مَاتَ في مُدَّةِ التَّرَبُّصِ قَطَعَ بِهِ في المغنى‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَحَكَاهُمَا في الشَّرْحِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ‏.‏

قُلْت لم نَرَ من حَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ غَيْرَهُ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يقضي منه دَيْنُ الْمَفْقُودِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَيُنْفِقُ على زَوْجَتِهِ أَيْضًا وَعَبْدِهِ وَبَهِيمَتِهِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ يقضي منه تِلْكَ الْحَالَةَ دَيْنُهُ وَيُنْفِقُ على زَوْجَتِهِ وَغَيْرُ ذلك انْتَهَى‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي لَا يقضي منه دَيْنُهُ وَلَا يُنْفِقُ منه على زَوْجَتِهِ وَلَا عَبْدِهِ وَلَا بَهِيمَتِهِ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ يُقْسَمُ مَالُهُ بَعْدَ انْتِظَارِهِ‏.‏

وَهَلْ تَثْبُتُ له أَحْكَامُ الْمَعْدُومِ من حِينِ فَقْدِهِ أولا تَثْبُتُ إلَّا من حِينِ‏.‏

إبَاحَةِ أَزْوَاجِهِ وَقِسْمَةِ مَالِهِ على وَجْهَيْنِ ينبنى عَلَيْهِمَا لو مَاتَ له في مُدَّةِ انْتِظَارِهِ من يَرِثُهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِتَوْرِيثِهِ منه أَمْ لَا‏.‏

وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنه يُزَكِّي مَالَهُ بَعْدَ مُدَّةِ انْتِظَارِهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ‏.‏

وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ له بِأَحْكَامِ الْمَوْتِ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ وهو الْأَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا‏)‏‏.‏

على ما زَادَ عن نَصِيبِهِ فَيَقْتَسِمُوهُ‏.‏

يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا على ما زَادَ عن نَصِيبِ الْمَفْقُودِ وَلَهُمْ أَنْ يَصْطَلِحُوا على كل الْمَوْقُوفِ أَيْضًا إنْ حَجَبَ أَحَدًا ولم يَرِثْ أو كان أَخًا لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ مع زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَهَذَا كُلُّهُ مُفَرَّعٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

أَمَّا على ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وهو أَنَّا نُعْمِلُ الْمَسْأَلَةَ على تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ فَقَطْ فَلَا يتأتي هذا‏.‏

وقد تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ ضَمِينٌ مِمَّنْ معه احْتِمَالُ زِيَادَةٍ على الصَّحِيحِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

فوائد‏:‏

الأولي إذَا قَدِمَ الْمَفْقُودُ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ ما وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ وَيَرْجِعُ على من أَخَذَ الْبَاقِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو أَصَحُّ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَرْجِعُ على من أَخَذَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ ابن منصور‏.‏

وقال إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لهم‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فإنه قال رَجَعَ في رِوَايَةٍ‏.‏

وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ لَا يَرْجِعُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو جُعِلَ لِأَسِيرٍ من وَقْفِ شَيْءٍ تَسَلَّمَهُ وَحَفِظَهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدَهُ جميعا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَكْفِي وَكِيلُهُ‏.‏

قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْفَظَهُ الْحَاكِمُ إذَا عُدِمَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ على أَمْوَالِ الْغُيَّابِ على ما يَأْتِي في أَوَاخِرِ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي‏.‏

الثَّالِثَةُ الْمُشْكِلُ نَسَبُهُ كَالْمَفْقُودِ‏.‏

فَلَوْ قال رَجُلٌ أَحَدُ هَذَيْنِ ابنى ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا فَيُعَيِّنُهُ فَإِنْ مَاتَ عَيَّنَهُ وَارِثُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أرى الْقَافَةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ في النَّسَبِ على ما يَأْتِي وَلَا يَرِثُ وَلَا يُوقَفُ‏.‏

وَيَصْرِفُ نَصِيبَ بن لِبَيْتِ الْمَالِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ عن الْقَاضِي‏.‏

وَذَكَرَ الأزجى عن الْقَاضِي يُعْزَلُ من التَّرِكَةِ مِيرَاثُ بن يَكُونُ مَوْقُوفًا في بَيْتِ الْمَالِ لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا‏.‏

قال الأزجى وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لَا وَقْفَ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رجى زَوَالُ الْإِشْكَالِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ افْتَقَرَ نَسَبُهُ إلَى قَائِفٍ فَهُوَ في مُدَّةِ إشْكَالِهِ كَالْمَفْقُودِ‏.‏

الرَّابِعَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْعَمَلُ في الْمَفْقُودِينَ أو أَكْثَرَ بِتَنْزِيلِهِمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ لَا غَيْرُ دُونَ الْعَمَلِ بِالْحَالَيْنِ‏.‏

بَابُ‏:‏ مِيرَاثِ الخنثى

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ خَرَجَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقيل ‏[‏وقليل‏]‏ لَا تُعْتَبَرُ الْكَثْرَةُ وَنَقَلَه ابن هَانِئٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْفَرَجِ وَغَيْرِهِ فإنه قال هل يُعْتَبَرُ السَّبْقُ في الِانْقِطَاعِ فيه رِوَايَتَانِ ولم يذكر الْكَثْرَةَ‏.‏

وقال ‏[‏وقيل‏]‏ في التَّبْصِرَةِ يُعْتَبَرُ أَطْوَلُهُمَا خُرُوجًا وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ لِأَنَّ بَوْلَهُ يَمْتَدُّ وَبَوْلُهَا يَسِيلُ‏.‏

وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ إنْ خَرَجَا مَعًا حُكِمَ لِلْمُتَأَخِّرِ‏.‏

وَقَدَّمَ ابن عقِيلٍ الْكَثْرَةَ على السَّبْقِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ انْتَشَرَ بَوْلُهُ على كَثِيبِ رَمْلٍ فَذَكَرٌ وَإِنْ لم يَنْتَشِرْ فَأُنْثَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ‏.‏

وقال ابن أبى مُوسَى تُعَدُّ أَضْلَاعُهُ فَسِتَّةَ عَشَرَ ضِلْعًا لِلذَّكَرِ وَسَبْعَةَ عَشَرَ لِلْأُنْثَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كان يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ وهو الصَّغِيرُ أعطى هو وَمَنْ معه الْيَقِينُ وَوَقَفَ الْبَاقِي حتى يَبْلُغَ فَتَظْهَرُ فيه عَلَامَاتُ الرِّجَالِ من نَبَاتِ لِحْيَتِهِ وَخُرُوجِ المنى من ذَكَرِهِ أو عَلَامَاتِ النِّسَاءِ من الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ‏)‏‏.‏

كَسُقُوطِ الثَّدْيَيْنِ نَصَّ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا أُنُوثَةَ بِسُقُوطِ الثَّدْيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ اشْتَهَى النِّسَاءَ فَذَكَرٌ في كل شَيْءٍ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ إلَّا في الْإِرْثِ وَالدِّيَةِ لِأَنَّ لِلْغَيْرِ حَقًّا وَإِنْ اشْتَهَى ذَكَرًا فَأُنْثَى‏.‏

وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ حَاضَ من فَرْجِ الْمَرْأَةِ أو احْتَلَمَ منه أو أَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ لم يُحْكَمْ بِالْخُنُوثَةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلْقَةً زَائِدَةً وَإِنْ حَاضَ من فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ من ذَكَرِ الرَّجُلِ فَبَالِغٌ بِلَا إشْكَالٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْحَجْرِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ بُلُوغُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَلْيُعَاوَدْ فإن فيه نَوْعَ الْتِفَاتٍ إلَى هذا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ يَئِسَ من ذلك بِمَوْتِهِ أو عُدِمَ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أعطى نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى فإذا كان مع الْخُنْثَى بِنْتٌ وابن جَعَلْت لِلْبِنْتِ أَقَلَّ عَدَدٍ له نِصْفٌ وهو سَهْمَانِ وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةً وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةً‏)‏‏.‏

وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وقال هذا قَوْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ في هذه الْمَسْأَلَةِ وفي كل‏.‏

مَسْأَلَةٍ فيها وَلَدٌ إذَا كان فِيهِمْ خُنْثَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أَصْحَابُنَا تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ على أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ على أَنَّهُ أُنْثَى وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

فَيَسْتَحِقُّ على اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ من تِسْعَةٍ وَهِيَ الثُّلُثُ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ من أَرْبَعِينَ وَهِيَ أَقَلُّ من الثُّلُثِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏ثُمَّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا أو وَفْقَهَا في الْأُخْرَى إنْ اتَّفَقَا وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أو بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا‏.‏

هَكَذَا قال الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ الْمُنَاسِبُ هُنَا نَوْعٌ من الْمُوَافِقِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أعطى نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى إذَا كان يَرِثُ بِهِمَا مُتَفَاضِلًا كَوَلَدِ الْمَيِّتِ أو وَلَدِ ابْنِهِ‏.‏

أَمَّا إذَا وَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا فَقَطْ كَوَلَدِ أخى الْمَيِّتِ أو عَمِّهِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ لَا غَيْرُ أو وَرِثَ بِكَوْنِهِ أُنْثَى فَقَطْ كَوَلَدِ أَبٍ خُنْثَى مع زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَنَحْوِهِ فَلَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى لَا غَيْرُ أو يَكُونُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمَا كَوَلَدِ الْأُمِّ فإنه يعطي سُدُسًا مُطْلَقًا أو كان الْخُنْثَى سَيِّدًا مُعْتِقًا فإنه عَصَبَةٌ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ‏)‏‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم ابن عقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ يُنَزِّلُهُمْ حَالَيْنِ مَرَّةً ذُكُورًا وَمَرَّةً إنَاثًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وقال ابن عَقِيلٍ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ وَلَا تُوقَفُ مع خُنْثَى مُشْكِلٍ على الْأَصَحِّ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَفِيهِ وَجْهٌ يُنَزَّلُونَ حَالَيْنِ فَقَطْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ مع مُزَاحَمَتِهِمْ مع غَيْرِهِمْ من وَجْهٍ وَاحِدٍ‏.‏

وَفِيهَا وَجْهٌ ثَالِثٌ وهو قِسْمَةُ مُسْتَحَقِّيهِمْ بَيْنَهُمْ على أَنْصِبَائِهِمْ مُنْفَرِدِينَ‏.‏

فَلَوْ كان الْوَارِثُ ابْنًا وَوَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ صَحَّتْ من مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ على تَنْزِيلِهِمْ على الْأَحْوَالِ لِلِابْنِ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ وَلِكُلِّ خُنْثَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ‏.‏

وَتَصِحُّ على الْحَالَيْنِ من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ عَشْرَةٌ لِلِابْنِ وَلِكُلِّ خُنْثَى سَبْعَةٌ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ تَصِحُّ من عَشَرَةٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ خُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَلَوْ كان الْوَارِثُ وَلَدًا أو وَلَدَ بن خُنْثَيَيْنِ وَعَمًّا صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ من أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْوَلَدِ وَأَرْبَعَةٌ لِوَلَدِ الِابْنِ وَسَهْمَانِ لِلْعَمِّ‏.‏

وَعَلَى الْعَمَلِ بِالْحَالَيْنِ يَسْقُطُ وَلَدُ الِابْنِ هُنَا لو كان مع وَلَدِ الصُّلْبِ أُخْتُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي الصُّغْرَى وَلَوْ كان بِزِيَادَةِ وَاوٍ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو أُعْطِيت الْخَنَاثَى الْيَقِينُ قبل الْيَأْسِ من انْكِشَافِ حَالِهِمْ نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا حُكْمُ الْمَفْقُودِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو صَالَحَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ من معه على ما وُقِفَ له صَحَّ إنْ كان بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّالِثَةُ قال الْمُصَنِّفُ لقد وَجَدْنَا في عَصْرِنَا شيئا لم يَذْكُرْهُ الْفَرْضِيُّونَ فَإِنَّا وَجَدْنَا شَخْصَيْنِ ليس لَهُمَا في قُبُلِهِمَا مَخْرَجٌ لَا ذَكَرٌ وَلَا فَرْجٌ‏.‏

أَمَّا أَحَدُهُمَا فَذَكَرُوا أَنَّهُ ليس له في قُبُلِهِ إلَّا لَحْمَةٌ نَاتِئَةٌ كَالرَّبْوَةِ يُرَشَّحُ الْبَوْلُ منها رَشْحًا على الدَّوَامِ‏.‏

وَالثَّانِي ليس له إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بين الْمَخْرَجَيْنِ منه يَتَغَوَّطُ وَمِنْهُ يَبُولُ‏.‏

وَسَأَلْت من أخبرني عن زِيِّهِ فقال يَلْبَسُ لُبْسَ النِّسَاءِ وَيُخَالِطُهُنَّ وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ وَيُعِدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً‏.‏

وَحُدِّثْت أَنَّ في بِلَادِ الْعَجَمِ شَخْصًا ليس له مَخْرَجٌ أَصْلًا لَا قُبُلَ وَلَا دُبُرَ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّأُ ما يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ فَهَذَا وما أَشْبَهَهُ في مَعْنَى الْخُنْثَى لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له عَلَامَةٌ أُخْرَى فَهُوَ مُشْكِلٌ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَمَنْ له ثَقْبٌ وَاحِدٌ يَخْرُجُ منه الْبَوْلُ والمنى وَالدَّمُ فَلَهُ حُكْمُ الْخُنْثَى‏.‏

وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِنْ كان له ثَقْبٌ وَاحِدٌ يَرْشَحُ منه الْبَوْلُ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ كما تَقَدَّمَ‏.‏

بَابُ‏:‏ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَمَنْ عمي مَوْتُهُمْ

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا كَالْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُمَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا إذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجْهَلُوا السَّابِقَ وَيَخْتَلِفُوا فيه أو يَجْهَلُوا السَّابِقَ وَلَا يَخْتَلِفُونَ فيه‏)‏‏.‏

فَإِنْ جَهِلُوا السَّابِقَ ولم يَخْتَلِفُوا فيه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الْمَوْتَى يَرِثُ صَاحِبَهُ من تِلَادِ مَالِهِ دُونَ ما وَرِثَهُ من الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الدَّوْرُ نَصَّ عليه‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ‏.‏

وَخَرَجَ أبو بَكْرٍ وَمَنْ بَعْدَهُ مَنْعَ تَوَارُثِ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ‏.‏

وَهَذَا التَّخْرِيجُ من الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ وَرَثَةُ كل مَيِّتٍ في السَّابِقِ مِنْهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ في الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هذه‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو عُلِمَ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَوْتًا ثُمَّ نسى أو جَهِلُوا عَيْنَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُعَيَّنُ بِالْقُرْعَةِ‏.‏

وقال الأزجى إنَّمَا لم نُجِزْ الْقُرْعَةَ هُنَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا في النَّسَبِ‏.‏

قال الْقَاضِي لَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ بِالْقُرْعَةِ هُنَا‏.‏

وَذَكَرَ البونى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْيَقِينِ وَيَقِفُ مع الشَّكِّ حتى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ أو يَصْطَلِحُوا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَيْضًا وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا جَهِلُوا السَّابِقَ وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُمَا في السَّابِقِ مِنْهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ أو كانت بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتْ تَحَالَفَا ولم يَتَوَارَثَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهَذَا أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَاخْتَارَهُ الخرقى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ يَتَوَارَثَانِ منهم أبو الْخَطَّابِ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا‏.‏

قال أبن أبى مُوسَى الْقُرْعَةُ تُعَيِّنُ أَسْبَقَهُمَا وَضَعَّفَهُ أبو بَكْرٍ في كِتَابِ الْخِلَافِ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَإِنْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَةُ وَقُلْنَا بِالْقِسْمَةِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا ما اخْتَلَفَا فيه نِصْفَيْنِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وهو اخْتِيَارُ أبى بَكْرٍ في كِتَابِ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْقَدْرُ الْمُتَنَازَعُ فيه من الْمِيرَاثِ بين مُدَّعِيَيْهِ نِصْفَيْنِ وَعَلَيْهِمَا الْيَمِينُ في ذلك كما لو تَنَازَعَا دَابَّةً في أَيْدِيهِمَا‏.‏

وَيَأْتِي هذا بِعَيْنِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو عَيَّنَ الْوَرَثَةُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا وَشَكُّوا هل مَاتَ لِآخَرَ قَبْلَهُ‏.‏

أو بَعْدَهُ وَرِثَ من شُكَّ في وَقْتِ مَوْتِهِ من الْآخَرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو ضَعِيفٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو تَحَقَّقَ مَوْتُهُمَا مَعًا لم يَتَوَارَثَا اتِّفَاقًا‏.‏

الثَّالِثَةُ وَهِيَ غَرِيبَةٌ لو مَاتَ أَخَوَانِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ وَرِثَ الذي مَاتَ بِالْمَغْرِبِ من الذي مَاتَ بِالْمَشْرِقِ لِمَوْتِهِ قَبْلَهُ‏.‏

بِنَاءً على اخْتِلَافِ الزَّوَالِ قَالَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وقال ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قال وهو صَحِيحٌ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وَلَوْ مَاتَا عِنْدَ ظُهُورِ الْهِلَالِ قال في الْفَائِقِ فَتَعَارَضَ في الْمَذْهَبِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ كَالزَّوَالِ انْتَهَى‏.‏

فَيُعَايَى بها أَيْضًا على اخْتِيَارِهِ‏.‏

بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرِثُ الْمُسْلِمُ من قَرِيبِهِ الْكَافِرِ الذمى لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَرِيبُهُ من الْإِسْلَامِ وَلِوُجُوبِ نُصْرَتِهِمْ وَلَا يَنْصُرُونَنَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا إرْثَ بَيْنَهُمَا بِالْوَلَاءِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْوَلَاءِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قبل قَسْمِ مِيرَاثِهِ فَيَرِثُهُ‏)‏‏.‏

وَكَذَا لو كان مُرْتَدًّا على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَعَنْهُ ‏(‏لَا يَرِثُ‏)‏‏.‏

صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَحَكَى الْقَاضِي عن أبي بَكْرٍ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ لَا يَتَوَارَثَانِ بِالْإِسْلَامِ قبل الْقِسْمَةِ بِحَالٍ‏.‏

قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بين الزَّوْجَيْنِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُسْلِمُ زَوْجَةً أو غَيْرَهَا مِمَّنْ‏.‏

يَرِثُ وهو صَحِيحٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ البرزاطى ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُهَا‏.‏

وَقِيلَ لَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ إذَا أَسْلَمَتْ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ كان الْمُسْلِمُ زَوْجَةً لم تَرِثْ في قَوْلِ أبى بَكْرٍ وَوَرِثَهَا الْقَاضِي‏.‏

وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى هذا لو أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَتْ في مُدَّةِ الْعِدَّةِ لم يَرِثْهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ وَلَوْ أَسْلَمَ قبل الْقِسْمَةِ لِانْقِطَاعِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ مَوْتِهَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ عَتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ لم يَرِثْ وَجْهًا وَاحِدًا‏)‏‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَرِثُ ذَكَرَهَا ابن أبي موسى وَخَرَّجَهُ التَّمِيمِيُّ على الْإِسْلَامِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْخَمْسِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ الْحُرِّيَّةُ عَقِبَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ أو معه كَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ على ذلك أو دَيْنِ ابن عمِّهِ ثُمَّ مَاتَ لم يَرِثْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ المغنى‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ على الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا حَدَثَتْ الْأَهْلِيَّةُ مع الْحُكْمِ هل يكتفي بها أو يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُهَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَيَرِثُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إنْ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ وَهُمْ ثَلَاثُ مِلَلٍ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ وَدِينُ سَائِرِهِمْ‏)‏‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ الْقَاضِي وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ أَنَّهُمْ مِلَلٌ شَتَّى مُخْتَلِفَةٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى هذا الْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةٌ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةٌ وَعُبَّادُ الشَّمْسِ مِلَّةٌ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَعَنْهُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّتَانِ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالصَّابِئَةُ مِلَّةٌ‏.‏

وَقِيلَ الصَّابِئَةُ كَالْيَهُودِيَّةِ وَقِيلَ كَالنَّصْرَانِيَّةِ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال هُمْ جِنْسٌ من النَّصَارَى‏.‏

وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ‏.‏

وَقِيلَ من لَا كِتَابَ له مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ لم يَتَوَارَثُوا‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَتَوَارَثُونَ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ فقال وَيَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ‏.‏

وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي‏.‏

وقال الْقَاضِي يَتَوَارَثُونَ إذَا كَانُوا في دَارِ الْحَرْبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

الْخِلَافُ هُنَا مبنى على الْخِلَافِ في الْمِلَلِ‏.‏

فَإِنْ قُلْنَا الْمِلَلُ مُخْتَلِفَةٌ لم يَتَوَارَثُوا مع اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ قُلْنَا الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ تَوَارَثُوا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَا يَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا وَلَا حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا‏)‏‏.‏

ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في التَّهْذِيبِ اتِّفَاقًا‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ لَا يَتَوَارَثُونَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابن رزين‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ مَنَعَهُ الْقَاضِي وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَوَارَثَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ‏.‏

وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ أَنَّهُ الْأَقْوَى في الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

فائدة‏:‏

يَرِثُ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنَ وَعَكْسُهُ وَيَرِثُ الذمى الْمُسْتَأْمَنَ وَعَكْسُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ يَرِثُ الْمُسْتَأْمَنُ وَرَثَتَهُ الَّذِينَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ حربى‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ هو في حُكْمِ ذمى وَقِيلَ حربى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ‏)‏‏.‏

فإذا لم يُسْلِمْ لم يَرِثْ أَحَدًا وَإِنْ أَسْلَمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ‏.‏

الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا أَسْلَمَ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فَلْيُعَاوَدْ وَإِرْثُهُ قبل قَسْمِ الْمِيرَاثِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ في الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ مَاتَ في رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ‏)‏‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ على ذلك عَامَّةُ أَصْحَابِنَا قال الْقَاضِي هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَكَذَا قال الشَّارِحُ في بَابِ الْمُرْتَدِّ‏.‏

وقال هُنَا هذا الْمَشْهُورُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأزجى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ من الْمُسْلِمِينَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ من أَهْلِ الدِّينِ الذي اخْتَارَهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونُوا مُرْتَدِّينَ‏.‏

وَرَوَى ابن منصور أَنَّهُ رَجَعَ عن هذا الْقَوْلِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةُ وَالْمُذْهَبُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الزِّنْدِيقُ وهو الْمُنَافِقُ كَالْمُرْتَدِّ على ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ‏.‏

الثَّانِيَةُ كُلُّ مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٌ إلَى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ فَمَالُهُ فَيْءٌ نَصَّ عليه في الجهمى وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي ذلك في بَابِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ‏.‏

وَعَلَى الْأَصَحِّ من الرِّوَايَتَيْنِ أو غَيْرُ دَاعِيَةٍ وَهُمَا في غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عليه وَغَيْرِ ذلك‏.‏

وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ في الجهمى إذَا مَاتَ في قَرْيَةٍ ليس فيها إلَّا نَصَارَى من يَشْهَدُهُ قال أنا لَا أَشْهَدُهُ يَشْهَدُهُ من شَاءَ‏.‏

قال ابن حَامِدٍ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهَا على نَقْلِ يَعْقُوبَ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ بِمَثَابَةِ أَهْلِ الرِّدَّةِ في وَفَاتِهِ وَمَالِهِ وَنِكَاحِهِ‏.‏

قال وقد يَتَخَرَّجُ على رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ مُتَوَلٍّ فإنه يُحْتَمَلُ في مَالِهِ وَمِيرَاثِهِ أَهْلَهُ وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَجُوسِيُّ أو تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَرِثُوا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَرِثُونَ بِأَقْوَاهَا وَهِيَ ما يَرِثُ بها مع ما يَسْقُطُ الْأُخْرَى ذَكَرَهَا حَنْبَلٌ وَمَنَعَهَا أبو بَكْرٍ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ ما إذَا أَوْلَدَ الْمُسْلِمُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وغيرها ‏[‏وغيره‏]‏ بِشُبْهَةٍ تَثْبُتُ النَّسَبُ حُكْمُ الْمَجُوسِ في إرْثِهِمْ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل من أجرى مَجْرَى الْمَجُوسِ مِمَّنْ يَنْكِحُ ذَوَاتَ الْمَحْرَمِ‏.‏

بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ طَلَّقَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فيه بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ أو عَلَّقَ طَلَاقَهَا على فِعْلٍ لها منه بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ أو عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ أو طَلَّقَ من لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ فَهُوَ كطلاق ‏[‏كالطلاق‏]‏ الصَّحِيحِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسَائِلَ‏.‏

منها إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَأَجَابَهَا إلَى سُؤَالِهَا أو عَلَّقَهُ على فِعْلٍ لها منه بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ عَالِمَةً فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ كما صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هو كَطَلَاقٍ مُتَّهَمٍ فيه اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لو سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قال ابو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لم تَرِثْهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ‏.‏

وقد أَحْسَنَ الْمُصَنِّفُ في قَوْلِهِ إنْ لم أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ على فِعْلِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عليها فيه فَأَنْتِ ذلك لم يَتَوَارَثَا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرِثُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فيه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو خَالَعَتْهُ فَهُوَ كطلاق ‏[‏كالطلاق‏]‏ الصَّحِيحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ تَرِثُ منه‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قَذَفَهَا في صِحَّتِهِ ولا عنها في مَرَضِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ لنفى الْحَدِّ لَا لنفى الْوَلَدِ أو عَلَّقَ طَلَاقَهَا حَالَةَ الصِّحَّةِ على فِعْلٍ لها لَا بُدَّ لها منه فَفَعَلَتْهُ في الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ فِيهِمَا على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَرِثُ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏.‏

وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ إذَا عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ كَمُتَّهَمٍ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَهْرٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَ في مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا إذا طَلَّقَ من لَا تَرِثُ كَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي والمغنى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ كَطَلَاقٍ مُتَّهَمٍ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كان مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ وَرِثَتْهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ‏)‏‏.‏

فَمِنْ ذلك لو أَقَرَّ في مَرَضِهِ أَنَّهُ أَبَانَهَا في صِحَّتِهِ فَهَذَا مُتَّهَمٌ فيه فَتَرِثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ لِلشِّيرَازِيِّ لَا تَرِثُهُ‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ‏.‏

ومن ‏[‏وهو‏]‏ ذلك لو وطىء حَمَاتَهُ لم يُقْطَعْ إرْثُ زَوْجَتِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو وَكَّلَ في صِحَّتِهِ من يُبَيِّنُهَا مَتَى شَاءَ فَأَبَانَهَا في مَرَضِهِ لم يَقْطَعْ ذلك إرْثَهَا منه‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ ‏(‏أو عَلَّقَهُ على فِعْلٍ لَا بُدَّ لها منه كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا‏)‏‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ وَكَلَامُ أَبَوَيْهَا أو أَحَدِهِمَا‏.‏

قال الْأَصْحَابُ لَا بُدَّ لها منه شَرْعًا كما مَثَّلَ أو عَقْلًا كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَرِثَتْهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ ولم يَرِثْهَا‏)‏ هو بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

‏(‏وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قبل الدُّخُولِ على رِوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

يَعْنِي إذَا فَعَلَ فِعْلًا يُتَّهَمُ فيه بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَرِثُهَا هو بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قبل الدُّخُولِ‏.‏

أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ في الْأُولَى‏.‏

إحْدَاهُمَا تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَوْ كانت غير مَدْخُولٍ بها ما لم تَتَزَوَّجْ‏.‏

وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أبى عبد اللَّهِ في الْمَدْخُولِ بها أنها تَرِثُهُ في الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا ما لم تَتَزَوَّجْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَرِثُهُ وَاخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ في الْمَدْخُولِ بها‏.‏

وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فيها وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في آخِرِ الْبَابِ حَيْثُ جَعَلَ الْمِيرَاثَ لِلزَّوْجَاتِ اللَّاتِي في عِصْمَتِهِ ولم يُعْطِ الْمُطَلَّقَاتِ شيئا فِيمَا إذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ بَعْدَهُنَّ أَرْبَعًا وَمَاتَ عَنْهُنَّ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا قبل الدُّخُولِ في الْمَرَضِ فيها أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ‏.‏

إحْدَاهُنَّ لها الصَّدَاقُ كَامِلًا وَالْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَاخْتَارَهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ عِدَّةَ وَفَاةٍ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها في الصَّدَاقِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لها الْمِيرَاثُ وَالصَّدَاقُ وَلَا عِدَّةَ عليها‏.‏

وَالثَّالِثَةُ لها الْمِيرَاثُ وَنِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ‏.‏

وَالرَّابِعَةُ لَا تَرِثُ وَلَا عِدَّةَ عليها وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ انْتَهَى‏.‏

وَيُعَايَى بها حَيْثُ أَوْجَبْنَا الْعِدَّةَ‏.‏

وَأَطْلَقَ في تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَعَدَمِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَ تَكْمِيلَ الْمَهْرِ ابن رزين في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ لِمَا ذَكَرُوهُ في الصَّدَاقِ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا تَرِثُ فإنه يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَرْتَدَّ فَإِنْ ارْتَدَّتْ لم تَرِثْ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ لم تَرِثْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ‏.‏

وَعَنْهُ تَرِثُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ أَكْرَهَ الِابْنُ امْرَأَةَ أبيه في مَرَضِ أبيه على ما يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لم يَنْقَطِعْ مِيرَاثُهَا‏)‏‏.‏

مُرَادُهُ إنْ كان الِابْنُ عَاقِلًا‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏إلَّا أَنْ يَكُونَ له امْرَأَةٌ سِوَاهَا‏)‏‏.‏

مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يُتَّهَمْ فيه مع وُجُودِ امْرَأَةٍ سِوَاهَا وهو وَاضِحٌ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الاكراه‏.‏

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ أو بَعْضَهُ لم تَرِثْهُ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ منه لو تَزَوَّجَ في مَرَضِهِ مُضَارَّةً لِيَنْقُصَ إرْثُ غَيْرِهَا وَأَقَرَّتْ بِهِ لم تَرِثْ‏.‏

وَمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ تَرِثُهُ لِأَنَّ له أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ أَكْرَهَ أنها لو كانت مُطَاوِعَةً أنها لَا تَرِثُ‏.‏

وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تَرِثُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ فَعَلَتْ في مَرَضِ مَوْتِهَا ما يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لم يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا‏.‏

مُرَادُهُ ما دَامَتْ في الْعِدَّةِ وَمُرَادُهُ أَيْضًا إذَا كانت مُتَّهَمَةً في فَسْخِهِ‏.‏

أَمَّا إذَا كانت غير مُتَّهَمَةٍ كَفَسْخِ الْمُعْتَقَةِ إذَا كانت تَحْتَ عَبْدِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انْقِطَاعُ الْإِرْثِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَنْقَطِعُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في مَرَضِهِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لِلثَّمَانِ‏)‏‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مبنى على الْخِلَافِ الذي تَقَدَّمَ في الْمُطَلَّقَةِ الْمُتَّهَمِ في طَلَاقِهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ولم تَتَزَوَّجْ ولم تَرْتَدَّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَبَنَوْهُ عليه‏.‏

وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أنها تَرِثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ما لم تَتَزَوَّجْ فَكَذَا هُنَا‏.‏

فَعَلَى هذا يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

فَلَوْ كانت الْمُطَلَّقَةُ الْمُتَّهَمُ في طَلَاقِهَا وَاحِدَةً وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا ولم تَتَزَوَّجْ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حتى مَاتَ الزَّوْجُ كان الْمِيرَاثُ بين الْجِهَتَيْنِ على السَّوَاءِ على الصَّحِيحِ من ن الْمَذْهَبِ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ رُبُعُهُ لِلْمُطَلَّقَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْأَرْبَعِ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ‏.‏

وَإِلَّا فَلِلثَّلَاثِ السَّوَابِقِ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّهُ لِلْبَائِنِ انْتَهَى‏.‏

وَلَوْ كان مَكَانَ الْمُطَلَّقَةِ أَرْبَعًا فَطَلَّقَهُنَّ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ فَالْمِيرَاثُ لِلثَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ على اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

وَلِلزَّوْجَاتِ فَقَطْ على الْقَوْلِ بِأَنْ المطلقات لَا يَرِثْنَ شيئا‏.‏

وهو الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ هو وَالشَّارِحُ‏.‏

وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ من يقول إنَّ الْإِرْثَ لِلثَّمَانِ أو لِلْمُطَلَّقَاتِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ من يقول ذلك عَدَمُ الْبِنَاءِ‏.‏

فَلَوْ مَاتَتْ إحْدَى الْمُطَلَّقَاتِ أو تَزَوَّجَتْ فَقِسْطُهَا لِلزَّوْجَاتِ الْمُتَجَدِّدَاتِ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ إلَى كَمَالِ أَرْبَعٍ بِالْمَبْتُوتَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهُنَّ فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ وَعَنْهُ أَنَّهُ بين الثَّمَانِ أَنَّ نِكَاحَهُنَّ صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو طَلَّقَ وَاحِدَةً من أَرْبَعٍ وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ مَاتَ وَاشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ قُرِعَتْ فَلَا حَظَّ لها في الْمِيرَاثِ وَيُقْسَمُ الْمِيرَاثُ بين الْأَرْبَعِ فَتَسْتَحِقُّ الْجَدِيدَةُ الرُّبُعَ نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ مَاتَ عن زَوْجَاتٍ لَا تَرِثُهُ بَعْضُهُنَّ لِجَهْلِ عَيْنِهَا أَخْرَجَ الْوَارِثَاتُ بِقُرْعَةٍ انْتَهَى‏.‏

وَهَذِهِ الْقُرْعَةُ هُنَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ لم تَرِثْهُ الْمَرْأَةُ إنْ دَامَتْ على قَوْلِهَا‏.‏

الثَّالِثَةُ لو قَبَّلَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ لم تَرِثْهُ لِخُرُوجِهَا من حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ كَمَنْ وَقَعَ في شَبَكَةِ صَيْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ هل تَدْخُلُ الدِّيَةُ في الْوَصِيَّةِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ‏.‏